أظرف شيء فى العالم بالنسبة لأغلب الآباء أن يروا أطفالهم جالسين في هدوء ومستمتعين بلعبهم الذي يبدو عشوائياً. ربما ما لا يعرفه الآباء أن هذا اللعب العشوائي الذي يقوم به الطفل يمثل بالفعل جانباً هاماً في نموه، فاللعب هو وسيلة الطفل لفهم العالم من حوله. إن "عمل" الطفل هو تنمية قدراته المختلفة من خلال لعبه اليومي. على سبيل المثال قد تبدو محاولة الطفل لوضع إصبع قدمه في فمه محاولة بلهاء، إلا أن هذه المحاولة بالفعل تكون بمثابة تمرين على التنسيق بين اليد والعين، وكذلك تمرين على حل المشاكل. يتطور "التنسيق" لدى الطفل بتكرار محاولة مسك أصابع قدمه ورغم أنه قد لا ينجح عدة مرات، إلا أنه يحاول تعديل الخطأ الذي يقع فيه لكي يكمل مغامرته المثيرة لوضع إصبع قدمه في فمه. عندما يتعلم الأبوين أي نوع من اللعب والألعاب تبني قدرات طفلهما، يمكنهما عندئذ أن يوجدا في البيت بيئة محفزة لقدرات طفلهما التعليمية.
الألعاب الفردية
هي الألعاب التي يقوم بها الطفل عندما يكون بمفرده لاكتشاف العالم من حوله مثل مص الأصابع، أو اكتشاف أجزاء جسمه بشكل عام. يجب أن يشجع الأبوان هذه النوعية من الألعاب ويحرصا على إعطاء طفلهما وقتاً خاصاً به دون تدخل منهما. الألعاب الفردية هي ألعاب إيجابية حيث يعتمد فيها الطفل على عقله لكي يفهم الأشياء وهو ما ينمي بشكل كبير حواس الطفل ومنظوره للأشياء وفائدتها.
على الجانب الآخر، هناك بعض الألعاب التي يمكن للكبار لعبها مع الطفل لتنمية مهاراته الاجتماعية والتفاعلية. على سبيل المثال، أن يغطي الشخص الكبير وجهه بيديه ثم يرفعهما فجأة مهللاً للطفل فيضحك الطفل، وبتكرار اللعبة ? دور الشخص الكبير ليغطي وجهه ثم دور الطفل ليضحك وهكذا - يتعلم الطفل "تبادل الأدوار"، وهو عنصر أساسي للتفاعل بين الناس. عندما تتكرر هذه اللعبة، يتعلم الطفل أن ينتظر المفاجأة ثم يضحك أو يبدي سعادته عند حدوثها. بالطبع الألعاب التي يشارك فيها الكبار تساعد أيضاً على تنمية مهارات معينة يحاول الطفل تنميتها بمفرده مثل السمع والإدراك. إن لعب الطفل مع الأبوين وهما قريبان منه ويمدحانه يساعد على شعور الطفل بأنه محبوب، وقد ثبت أن هذا الشعور يزيد من إحساس الطفل بالمبادرة والتفاعل مع الآخرين.
ما هي الألعاب التعليمية؟
أول شيء يجب أن نتعلمه هو أن كل شيء يمكن أن يكون لعبة للطفل. "ماما" و"بابا" لعبة، الأشياء المنزلية الآمنة مثل الأطباق البلاستيكية الملونة لعبة، وحتى الملابس يمكن أن تكون لعبة. فكل ذلك يساعد الطفل على التعلم واكتشاف عالمه. لكن إليك بعض الإرشادات عند شرائك اللعب لكي يستفيد طفلك أكبر فائدة ممكنة منها:
اللعب: من 0 إلى 6 شهور
توضح د. جيهان القاضي ? رئيسة الجمعية المصرية لصعوبات التعليم ? أن الرأي الذي يقول أن الطفل لا يستطيع الإبصار أو السمع عند ولادته هو في الحقيقة رأي غير سليم، فالأطفال يستطيعون تمييز ألون زاهية معينة (اللون الأحمر هو عادةً أول لون يستطيع الطفل رؤيته)، وبالقطع يستطيعون سماع الأصوات المحيطة بهم رغم أنهم قد لا يستطيعون تفسير هذه الأصوات بشكل سليم. فمن المفيد وضع لعبة موسيقية زاهية الألوان فوق فراش الطفل منذ اليوم الأول. فكلما كان محيط الطفل غنياً، حتى منذ أيامه الأولى، كلما زادت فرصة نموه العقلي.
تقول د. جيهان: "بحلول الشهر الثالث يستطيع طفلك تمييز لعبته المفضلة وسيحاول الوصول إليها أو الإمساك بها. من المهم أن تكون تلك اللعب بألوان مختلفة، ملمس مختلف، وأشكال مختلفة لتنمية حاسة الطفل في التمييز بين الأشياء المختلفة عن طريق البصر، اللمس، والسمع (إذا كانت اللعبة تصدر صوتاً)." على سبيل المثال الشخاشيخ الملونة واللعب المرنة التي تصدر أصواتاً أو موسيقى تفيد الطفل في هذه السن. توضح د. جيهان أيضاً أن الأطفال في هذه السن كثيراً ما يضعون اللعب في أفواههم كوسيلة لمعرفة الأشياء، فيجب على الأبوين أن يكونا شديدي الحرص عند شراء هذه اللعب ويتأكدا من عدم وجود أية أجزاء بها يمكن أن يبتلعها الطفل، كما يجب أن يتأكدا من نظافتها.
اللعب: من 7 إلى 12 شهر
الطفل الأكبر سناً يستطيع عادةً تذكر بعض الأفكار البسيطة والتعرف على نفسه، أجزاء جسمه، والأشخاص المألوفين لديه، واللعب في هذه السن يجب أن تساعد على تنمية هذه المهارات الجديدة. وأكثر هذه اللعب فائدة هي اللعب التي تجر، ترص، تسير إلى الخلف والأمام، أو من النوع الذي يساعد على التوفيق بين الألوان والأشكال. كذلك الكتب المصنوعة من القماش أو البلاستيك والتي تتميز بالصور الكبيرة، البسيطة، والتي يمكن أن يمسكها الطفل، يهزها، أو حتى يضعها في فمه تكون أيضاً مفيدة جداً. يمكن أن يستخدم الأبوان هذه الكتب أيضاً بشكل مفيد لطفلهما، فتستطيع الأم أن تشير وتشرح للطفل أسماء ووظائف الأشياء الموجودة في صور الكتاب، فذلك يساعد على تنمية اللغة والفهم عند الطفل. كما ثبت أن المكعبات تنمي مهارة الطفل على حل المشاكل. الأشكال المختلفة من اللعب الموجود بالأسواق كثيرة وممتعة لكل من الطفل والأبوين في نفس الوقت، فتأكدي من شراء اللعب المناسبة لسن طفلك حتى يستطيع الحصول على أكبر فائدة منها.
ماذا تفعل الأم العاملة؟
إذا كنت أماً عاملة وعليك العودة إلى عملك بعد 3 شهور من الولادة، حددي وقتاً تلعبين فيه مع طفلك دون مقاطعة من أحد. يمكن أن يتم ذلك بالتبادل مع الأب والجد أو الجدة لمساعدتك على عدم إهمال هذا الجزء من حياة طفلك.
بالإضافة إلى ذلك، ابذلي قصارى جهدك لاختيار حضانة يكون العاملون بها مدركين لوسائل تنمية قدرات الطفل ومدربين جيداً على هذه الوسائل، أو اتركي الطفل مع أحد أفراد الأسرة الذي يكون له تأثير إيجابي على نمو طفلك.
دور المتخصصين فى تنمية قدرات الأطفال
أصبح هناك الآن أطباء أطفال ومعالجين متخصصين في تنمية قدرات الطفل إذا تطلب الأمر ذلك، وكان الطفل متأخراً في جانب من الجوانب. توضح د. جيهان قائلة: "إن الجزء الأكبر من النمو العقلي الإنساني الذي يبقى مع الإنسان طوال حياته يتكون في الخمس سنوات الأولى من العمر، لذلك فنحن مطالبون بالاهتمام بهذه المرحلة الهامة جداً من حياة أطفالنا".